لا، ليس الضمير هو صوت الله ، لأن الضمير كثيراً ما يخطئ ، وصوت الله لا يخطئ.
وأكبر دليل على هذا قول السيد المسيح لتلاميذه " تأتى ساعة يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله " ( يو 16 : 2 ).
وطبعاً هذا الضمير الذى يرى فى قتل التلاميذ خدمة لله ، لا يمكن إطلاقاً أن يكون هو صوت الله. وأمثال هذا كثير ..
الضمير قد يكون ضيقاً موسوساً ، يظن الخطية حيث لا توجد خطية ، أو يكبر من قيمة الخطية فوق حقيقتها .. و قد يكون الضمير واسعاً يسمح بأشياء كثيرة خاطئة ويبررها. و كلا النوعين لا يمكن أن يكون صوت الله ، لا الضمير الذى يصف عن البعوضة ، و لا الذى يبلغ الجمل ( متى 23 ) إن الذى يقتل إنتقاماً لمقتل أخيه أو أبيه ، وضميره يتعبه إن لم يثأر لدم قريبه ، هذا لا يمكن أن يكون ضميره صوت الله. وبالمثل الذى يقتل أخته إذا زنت ، لكى يطهر سمعة الأسرة ، لا يمكن أن يكون الذى دعاه إلى القتل هو صوت الله.
بعض الناس يخلطون بين الضمير والروح القدس.
صوت الله فى الإنسان ، هو صوت روح الله العامل فيه. و هذا لا يمكن أن يخطئ. أما الضمير فيمكن أن يخطئ. و كثيراً ما يتحمس الإنسان لعمل شئ ، و ضميره يتعبه إن لم يعمله ، بينما يكون روح الله غير راض عن هذا العمل.
وكثيراً ما يتغير ضمير الإنسان بالتعليم والتوجيه.
فيرى اليوم حراماً ما كان يراه بالأمس حلالاً تماماً نتيجة لجهله أو سوء فهمه. فلو كان الضمير هو صوت الله ، هل يعقل أن يتغير فى حكمه اليوم عن الأمس ؟! إن تغير الضمير دليل على أنه ليس صوت الله.
إنسان يدعوه ضميره باسم الرحمة والشفقة أن يغشش طالباً فى الإمتحان يبكى و هو معرض للرسوب .. أو باسم الرحمة والشفقة ضمير طبيب يدعوه إلى كتابة شهادة مرضية لإنسان غير مريض .. ثم يقتنع بالتوجيه فيما بعد أن هذا خطأ ، فلا يوافق ضميره عليه فى المستقبل. فكيف يكون الضمير صوت الله فى الإنسان ، و هو يدعو أحياناً إلى شئ ، و أحياناً أخرى إلى ضده ؟! أو إنسان يحكم ضميره يطيع أباً أو مرشداً روحياً ، حتى فى الخطأ. ثم يفهم الطاعة على السابقة التى كسر فيها وصية الله ..
إن الضمير هو صوت وضعه الله فى الإنسان ، يدعوه إلى الخير ، و يبكته على الشر ، و لكنه ليس صوت الله.
وبالمثل وضع الله فى الإنسان عقلاً يدعوه إلى الخير. و جعل للإنسان روحاً تشتهى ضد الجسد. و مع ذلك كثيراً ما يخطئ العقل ، وكثيراً ما تخطئ الروح. كلاهما من الله ، و لكنهما ليسا عقل الله ، و لا روح الله. كذلك الضمير هو صوت وضعه الله ، ولكنه ليس صوت الله.
صوت الله فى الإنسان ، هو روح الله العامل فيه.
المصدر: كتاب سنوات مع أسئلة الناس - بقلم المتنيح البابا شنودة الثالث ( معلم الأجيال ).
تعليقات
إرسال تعليق