ما دامت عقوبة الخطية هى الموت ، و قد مات المسيح عنا وخلصنا ، فلماذا إذن نموت ؟
لقد خلصنا المسيح من الموت الروحى و الموت الأدبى.
فإن كان الموت الروحى هو الإنفصال عن الله ، فقد قال الرسول " صولحنا مع الآب بموت إبنه " ( رو 5 : 10 ).
و من جهة الموت الأدبى ، خلصنا منه الرب ، بأن أعادنا إلى رتبتنا الأولى. أعاد إلينا الصورة الإلهية. و كما يقول الرسول عن المعمودية " لأنكم جميعكم الذين اعتمدتم للمسيح ، قد لبستم المسيح " ( غل 3 : 27 ).
ورد إلينا اعتبارنا الأدبى بأن صرنا أبناء لله ( 1 يو 3 : 1 ). و هياكل لروحه القدوس ( 1كو 6 : 19 ).
كذلك خلصنا من الموت الأبدى. وفى هذا قال الكتاب " هكذا أحب الله العالم ، حتى بذل إبنه الوحيد ، لكى لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية " ( يو 3 : 16 ). و هكذا بموت المسيح عنا صارت لنا الحياة الأبدية. و خلصنا بموته من الموت الأبدى. و هذا هو الأساس فى الخلاص.
أما الموت الجسدى ، فلم يعد موتاً بالحقيقة. ونعنى بالموت الجسدى ، إنفصال الروح عن الجسد .. وهذا نقول عنه للرب فى أوشية الراقدين " لأنه ليس موت لعبيدك بل هو انتقال ". إنه انتقال إلى الفردوس و إلى عِشرة المسيح. و لذلك اشتهاه بولس الرسول فقال " لى اشتهاء أن انطلق و اكون مع المسيح فذاك أفضل جداً " ( فى 1 : 23 ).
و كما سمَّاه بولس انطلاقاً ، هكذا سماه سمعان الشيخ. فصلى قائلاً " الآن يارب تطلق عبدك بسلام حسب قولك ، لأن عينى قد أبصرتا خلاصك " ( لو 2 : 29 ، 30 ).
وهذان القديسان بولس و سمعان الشيخ ، كل منهما اشتهى هذا ( الموت ) ، و كل منهما رآه انطلاقاً من سجن هذا الجسد ، و قال القديس بولس عنه إنه أفضل جداً من هذه الحياة.
إذن لا يعتبر هذا الموت الجسدى عقوبة. إنه مجرد جسر ذهبى نصل به إلى الأبدية السعيدة. بل إن هذا الذى يسمى موتاً ، له فضل كبير علينا ، إذ بدونه سنبقى فى هذه الطبيعة الجسدية الفاسدة. و لكننا به سنؤهل إلى طبيعة أسمى. فهو الطريق إلى خلع الفساد و لبس عدم الفساد.
إن الله المحب لا يريد لنا أن نبقى فى هذه الطبيعة التى فسدت بالخطية ، و لا يريد لنا أن نبقى فى هذه الطبيعة القابلة للإنحلال ، الطبيعة التى تجوع و تعطش و تتعب و تمرض و التى يمكن أن تخطئ لذلك يشاء بمحبته أن ينقلنا منها إلى حالة أفضل ، يقول عنها الرسول فى ( 1 كو 15 ) كما لبسنا صورة الترابى سنلبس أيضاً صورة السماوى. و يشرح هذا الأمر بالتفصيل فيقول " لأن هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد ، و هذا المائت يلبس عدم موت .. " ( 1كو 15 : 49 ، 53 ).
ويقول أيضاً " يزرع فى فساد ، و يقام فى عدم فساد. يزرع فى هوان ، و يقام فى مجد. يزرع فى ضعف ، و يقام فى قوة. يزرع جسماً حيوانياً ، و يقام جسماً روحانياً " ( 1كو 15 : 42 ، 44 ).
إذن الموت طريق طبيعى ، يوصلنا إلى أمجاد القيامة. بحيث لوبقينا فى هذه الطبيعة الحالية – بدون موت – لصارت خسارة كبيرة لنا. فليس صحيحاً إذن أن ننظر إلى الموت الجسدى كنتيجة للخلاص ، فما هى النتيجة المنتظرة لذلك.
هل تظنون أن البقاء فى هذا الجسد المادى الترابى هو الوضع المثالى للإنسان ؟!
طبعاً بكل ما يحمل هذا البقاء من شيخوخة كلها ضعف و مرض يشكو منها صاحبها ، كما يشكو كل الذين حوله ، و كما قال الشاعر :
المرء يأمل أن يعيش ، و طول عيش قد يضره
تفنى بشاشته و يبقى بعد حلو العيش مره
وتخونه الأيام حتى لا يرى شيئاً يسره
لا شك أن الوضع المثالى للإنسان، هو الجسد النورانى الروحانى ، الذى يقوم فى قوة و فى مجد ، و فى عدم فساد و هذا ما أراده لنا الله بالموت.
كان يمكن أن تكون لهذا السؤال خطورته ، لو لم تكن هناك قيامة بعد الموت ، بهذا المجد..
القيامة التى ستعتقنا من عبودية الفساد ، و التى من أجلها كل الخليقة تئن معاً و تتمخض منتظرة هذا العتق فداء أجسادنا ( رؤ 8 : 21 ، 22 )
اقرأ أيضاً :
المصدر: كتاب سنوات مع أسئلة الناس - بقلم المتنيح البابا شنودة الثالث ( معلم الأجيال ).
لقد خلصنا المسيح من الموت الروحى و الموت الأدبى.
فإن كان الموت الروحى هو الإنفصال عن الله ، فقد قال الرسول " صولحنا مع الآب بموت إبنه " ( رو 5 : 10 ).
و من جهة الموت الأدبى ، خلصنا منه الرب ، بأن أعادنا إلى رتبتنا الأولى. أعاد إلينا الصورة الإلهية. و كما يقول الرسول عن المعمودية " لأنكم جميعكم الذين اعتمدتم للمسيح ، قد لبستم المسيح " ( غل 3 : 27 ).
ورد إلينا اعتبارنا الأدبى بأن صرنا أبناء لله ( 1 يو 3 : 1 ). و هياكل لروحه القدوس ( 1كو 6 : 19 ).
كذلك خلصنا من الموت الأبدى. وفى هذا قال الكتاب " هكذا أحب الله العالم ، حتى بذل إبنه الوحيد ، لكى لا يهلك كل من يؤمن به ، بل تكون له الحياة الأبدية " ( يو 3 : 16 ). و هكذا بموت المسيح عنا صارت لنا الحياة الأبدية. و خلصنا بموته من الموت الأبدى. و هذا هو الأساس فى الخلاص.
أما الموت الجسدى ، فلم يعد موتاً بالحقيقة. ونعنى بالموت الجسدى ، إنفصال الروح عن الجسد .. وهذا نقول عنه للرب فى أوشية الراقدين " لأنه ليس موت لعبيدك بل هو انتقال ". إنه انتقال إلى الفردوس و إلى عِشرة المسيح. و لذلك اشتهاه بولس الرسول فقال " لى اشتهاء أن انطلق و اكون مع المسيح فذاك أفضل جداً " ( فى 1 : 23 ).
و كما سمَّاه بولس انطلاقاً ، هكذا سماه سمعان الشيخ. فصلى قائلاً " الآن يارب تطلق عبدك بسلام حسب قولك ، لأن عينى قد أبصرتا خلاصك " ( لو 2 : 29 ، 30 ).
وهذان القديسان بولس و سمعان الشيخ ، كل منهما اشتهى هذا ( الموت ) ، و كل منهما رآه انطلاقاً من سجن هذا الجسد ، و قال القديس بولس عنه إنه أفضل جداً من هذه الحياة.
إذن لا يعتبر هذا الموت الجسدى عقوبة. إنه مجرد جسر ذهبى نصل به إلى الأبدية السعيدة. بل إن هذا الذى يسمى موتاً ، له فضل كبير علينا ، إذ بدونه سنبقى فى هذه الطبيعة الجسدية الفاسدة. و لكننا به سنؤهل إلى طبيعة أسمى. فهو الطريق إلى خلع الفساد و لبس عدم الفساد.
إن الله المحب لا يريد لنا أن نبقى فى هذه الطبيعة التى فسدت بالخطية ، و لا يريد لنا أن نبقى فى هذه الطبيعة القابلة للإنحلال ، الطبيعة التى تجوع و تعطش و تتعب و تمرض و التى يمكن أن تخطئ لذلك يشاء بمحبته أن ينقلنا منها إلى حالة أفضل ، يقول عنها الرسول فى ( 1 كو 15 ) كما لبسنا صورة الترابى سنلبس أيضاً صورة السماوى. و يشرح هذا الأمر بالتفصيل فيقول " لأن هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد ، و هذا المائت يلبس عدم موت .. " ( 1كو 15 : 49 ، 53 ).
ويقول أيضاً " يزرع فى فساد ، و يقام فى عدم فساد. يزرع فى هوان ، و يقام فى مجد. يزرع فى ضعف ، و يقام فى قوة. يزرع جسماً حيوانياً ، و يقام جسماً روحانياً " ( 1كو 15 : 42 ، 44 ).
إذن الموت طريق طبيعى ، يوصلنا إلى أمجاد القيامة. بحيث لوبقينا فى هذه الطبيعة الحالية – بدون موت – لصارت خسارة كبيرة لنا. فليس صحيحاً إذن أن ننظر إلى الموت الجسدى كنتيجة للخلاص ، فما هى النتيجة المنتظرة لذلك.
هل تظنون أن البقاء فى هذا الجسد المادى الترابى هو الوضع المثالى للإنسان ؟!
طبعاً بكل ما يحمل هذا البقاء من شيخوخة كلها ضعف و مرض يشكو منها صاحبها ، كما يشكو كل الذين حوله ، و كما قال الشاعر :
المرء يأمل أن يعيش ، و طول عيش قد يضره
تفنى بشاشته و يبقى بعد حلو العيش مره
وتخونه الأيام حتى لا يرى شيئاً يسره
لا شك أن الوضع المثالى للإنسان، هو الجسد النورانى الروحانى ، الذى يقوم فى قوة و فى مجد ، و فى عدم فساد و هذا ما أراده لنا الله بالموت.
كان يمكن أن تكون لهذا السؤال خطورته ، لو لم تكن هناك قيامة بعد الموت ، بهذا المجد..
القيامة التى ستعتقنا من عبودية الفساد ، و التى من أجلها كل الخليقة تئن معاً و تتمخض منتظرة هذا العتق فداء أجسادنا ( رؤ 8 : 21 ، 22 )
اقرأ أيضاً :
- لماذا لم يمت آدم و لم تمت حواء فى نفس يوم أكلهما من الشجرة ؟
- جاء السيد المسيح و خلصنا بدمه .. فلماذا بعد الخلاص ، ما تزال العقوبة قائمة : الرجل يتعب ليأكل خبزاً، و المرأة بالوجع تلد أولاداً ؟
- سمعت مَنْ يقول أن آدم أعظم من المسيح! لأنه إن كان المسيح قد ولد من إمرأة فإن آدم لم يولد أصلاً ؟ فما رأيكم ؟ و أيهما أعظم ؟
- نحن أبناء الله، نصلى قائلين " أبانا الذى فى السموات ". والمسيح أيضاً إبن الله. فما الفرق بين بنوة المسيح لله ، و بنوتنا نحن لله ؟
- هل الروح القدس يعمل فى غير المؤمنين؟!
- هل يمكن أن يتزوج البشر مع الشياطين ؟!
المصدر: كتاب سنوات مع أسئلة الناس - بقلم المتنيح البابا شنودة الثالث ( معلم الأجيال ).
تعليقات
إرسال تعليق