نسمع قصصاً يرويها البعض عن أن هناك من البشر من يتزوجون مع الشياطين و ينجبون أبناء. فما مدى صحة هذا الكلام ؟ و ما مصدره ؟
نحن لا نؤمن مطلقاً بها الأمر. وليس له أى سند عقيدى أو تاريخى.
فلا نعرف أحداً من البشر يرجع نسبه إلى الشياطين. كما أن مثل هذا الكلام غير مقبول عقلياً. وعليه ردود كثيرة من الناحية العقيدية ، نذكر من بينها :
الشياطين أرواح ، و ليست لهم أجساد تتوالد كالبشر.
إنهم أرواح باعتبارهم ملائكة. و قد سماهم الكتاب أرواحاً ( لو 10 : 17 ، 20 ). و قال عنهم إنهم " أرواح نجسة " ( مت 10 : 1 ). وأنهم " أرواح شريرة " ( لو 7 : 21 ، أع 19 : 12 ). فكيف للأرواح أن تتوالد ؟! و كيف لهم ككائنات ليست لها أجساد ، أن تلد كائنات لها أجساد.
وطبعاً الجنس و الزواج لا يوجد بين هذه الأرواح.
فالشياطين – وإن كان فقدوا قداستهم – إلا أنه لهم طبيعتهم الملائكية. و لذلك يقول سفر الرؤيا إنه حدثت حرب فى السماء بين ميخائيل و ملائكته و التنين ( أى الشيطان ) وملائكته " وحارب التنين و ملائكته .. فطرح التنين العظيم ، الحية القديمة ، المدعو إبليس و الشيطان ، الذى يضل العالم كله. طرح إلى الأرض و طرحت معه ملائكته " ( رؤ 12 : 7 – 9 ).
وماداموا ملائكة ، أنظر ماذا قال المسيح عن الملائكة فى حديثه عن القيامة. قال : " لأنهم فى القيامة لا يزوجون و لا يتزوجون ، بل يكونون كملائكة الله فى السماء " ( متى 22 : 30 ).
إذن الملائكة لا يزوجون و لا يتزوجون. والشياطين ملائكة تنطبق عليهم هذه الصفة. إنهم قد يثيرون النواحى الجنسية بين البشر، ولكنهم هم أنفسهم ليست لهم هذه الخواص الجنسية. فقد يظهر الشيطان فى شكل رجل أو فى شكل إمرأة. و لكن :
لا يوجد شيطان إمرأة ، و لا شيطان رجل ..
لا يوجد بين الشياطين ذكر و أنثى. و لا توجد لهم أجساد رجال ، و لا أجساد نساء. وبالتالى لا توجد فيهم مواد الإخصاب ، من حيوانات منوية أو بويضات. و لا يستطيعون أن يكونوا مصدراً لإيجاد إنسان ، و لا حتى لإيجاد شياطين. فالشياطين سبب كثرتها هو كثرة عدد الساقطين من الملائكة ، و ليس هو توالد بين الشياطين.
فإن كانوا لا يتوالدون فيما بينهم ، فبالأحرى مع البشر. والتوالد يحتاج إلى توافق فى النوع أو الفضيلة. فلا يحدث مثلاً توالد بين سمك وطير ، و لا بين طير وحيوان ولا بين حيوان وسمك .. و لا بين إنسان و طير .. لا بد إذن من توافق فى الجنس و النوع. و على نفس القياس لا يمكن أن يحدث توالد بين إنسان و شيطان ، بالإضافة إلى أن الشيطان ليس له جسد. إن التاريخ لم يقدم لنا مثالاً واحداً لهذا التوالد.
لا نعرف شخصاً واحداً قد ولد من أبوين أحدهما إنسان والآخر شيطان حتى يقدم لنا إجابة عن سؤال محير ، و هو أية الطبيعتين تكون الغالبة فى هذه العلاقة حتى يكون النسل إنساناً و يكون شيطاناً ، أو ( شيطو إنسان ) .. وهل يكون مرئياً أم غير مرئى ..
ولعل مصدر هذا السؤال كله ، هو قصص العفاريت التى يحكونها للأطفال ، التى تزدحم بها مكتبات قصص الأطفال للأسف الشديد .. بالإضافة إلى القصص التى يتوارثها العامة و أهل الريف ، و يتداولون حكاياتها ، وربما تشكل جزءاً هاماً من الفورلكلور الخاص بهم.
المصدر: كتاب سنوات مع أسئلة الناس - بقلم المتنيح البابا شنودة الثالث ( معلم الأجيال ).
تعليقات
إرسال تعليق