نحن أبناء الله، نصلى قائلين " أبانا الذى فى السموات ". والمسيح أيضاً إبن الله. فما الفرق بين بنوة المسيح لله ، و بنوتنا نحن لله ؟
نحن أبناء الله، نصلى قائلين " أبانا الذى فى السموات ". والمسيح أيضاً إبن الله. فما الفرق بين بنوة المسيح لله ، و بنوتنا نحن لله ؟
المسيح إبن الله من جوهره و من نفس طبيعته الإلهية.
لذلك فإن له نفس لاهوته ، بكل صفاته الإلهية ..
وبهذا المفهوم استطاع أن يقول " من رآنى فقد رأى الآب " ( يو 14 : 9 ). و كذلك قال " أنا و الآب واحد " ( يو 10 : 30 ). فأمسك اليهود حجارة ليرجموه ، أنه بهذا يجعل نفسه إلهاً ( يو 10 : 31 ، 33 ). و هذه الحقيقة أكدها يوحنا الإنجيلى بقوله " و كان الكلمة الله " ( يو 1 : 1 )
والمسيح ابن الله منذ الأزل ، قبل الزمان.
إنه مولود من الآب قبل كل الدهور. و قد قال فى مناجاته للآب " مجدنى أنت أيها الآب عند ذاتك ، بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم " ( يو 17 : 5 ). ولأنه قبل كون العالم ، لأنه عقل الله الناطق ، لذلك قيل " كل شئ به كان ، بغيره لم يكن شئ مما كان ( يو 1 : 3 ).
أما نحن فبنوتنا لله نوع من التبنى و التشريف، و مرتبطة بزمان.
قال القديس يوحنا الحبيب " انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله " ( 1 يو 3 : 1 ). إذن دُعينا هكذا كعمل من أعمال محبة الله لنا. و قيل أيضاً أما كل الذين قبلوه ، فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أى المؤمنون باسمه " ( يو 1 : 12 ). إذن ليست هى بنوة طبيعية من جوهره، و إلا صرنا آلهة !! كما أنها بنوة مرتبطة بزمن ، و لم تكن موجودة قبل إيماننا و معموديتنا.
ولأن بنوة المسيح للآب بنوة طبيعية من جوهره. لذلك قيل عنه إنه إبن الله الوحيد
أى الإبن الوحيد الذى من جوهره وطبيعته و لاهوته ..
وقيل فى ذلك " هكذا أحب الله العلم ، حتى بذل إبنه الوحيد .. " ( يو 3 : 16 ) وتكرر هذا التعبير " إبن الله الوحيد " فى ( يو 3 : 18 ). و قيل أيضاً " الله لم يره أحد قَط الإبن الوحيد الذى هو فى حضن أبيه ، هو خَبَّر " ( يو 1 : 18 ). و قيل كذلك " بهذا أظهرت محبة الله فينا ، أن الله قد أرسل إبنه الوحيد إلى العالم لكى نحيا به " ( 1يو 4 : 9 ).
و ما دام هو الإبن الوحيد ، إذن الوحيد ، إذن بنوته للآب غير بنوتنا نحن.
لهذا كانت بنوته للآب تقابل منّا بالإيمان و السجود.
ففى قصة المولود أعمى لما قابله المسيح بعد أن طرده اليهود من المجمع ، قال له المسيح " أتؤمن بابن الله ؟ " أجاب ذاك و قال " من هو يا سيد لأؤمن به ؟ ". فلما عَرَّفَهُ بنفسه ، قال " أؤمن يا سيد " و سجد له ( يو 9 : 35 – 38 ). فلو كان إبناً لله كبنوة الجميع ، ما احتاج الأمر إلى إيمان و سجود .. و نقول أكثر من هذا :
إن الإيمان بهذه البنوة ، كان هدف الإنجيل
يقول القديس يوحنا فى آخر الإنجيل تقريباً " و آيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذ لم تكتب فى هذا الكتاب. و أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح إبن الله ، و لكى تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه " ( يو 20 : 30 ، 31 )
ولما اعترف بطرس بهذا الإيمان و قال له " أنت هو المسيح إبن الله " اعتبر الرب أن هذه هى الصخرة التى تُبْنَى عليها الكنيسة ( متى 16 : 16 ، 18 ).
ولانفراد المسيح ببنوته الطبيعية للآب ، قيل إنه الإبن. وورد ذلك فى آيات تدل على لاهوته..
مجرد عبارة " الإبن " و حدها ، تعنى المسيح. و لنأخذ أمثلة :
" لأنه كما أن الآب يقيم الأموات و يحيى ، كذلك الإبن أيضاً يحيى من يشاء .. لأن الآب لا يدين أحداً ، بل قد أعطى كل الدينونة للإبن. لكى يكرم الجميع الإبن كما يكرمون الآب " ( يو5 : 21 – 23 )
" إن حرركم الإبن ، فبالحقيقة تكونون أحراراً " ( يو 8 : 36 ).
" الذى يؤمن بالإبن له حياة أبدية. و الذى لا يؤمن بالإبن لن يرى حياة ، بل يمكث عليه غضب الله ( يو 3 : 36 ).
"الصانع ملائكته أرواحاً ، و خدامه لهيب نار. أما عن الإبن ( فيقول ) كرسيك يا الله إلى دهر الدهور " ( عب 1 : 7 ، 8 ).
والأمثلة كثيرة ، و كلها تدور فى نفس المعنى.
و هو كإبن ، تسجد له كل ملائكة الله
يقول الرسول عن عظمة المسيح " و متى أدخل البكر إلى العالم ، يقول : لتسجد له كل ملائكة الله " ( عب 1 : 6 )
وقيل عن المسيح إنه إبن الله فى مناسبات معجزية.
قائد المائة و الذين معه حول الصليب ، لما رأوا الزلزلة وما كان " خافوا و قالوا حقاً كان هذا إبن الله " ( متى 27 : 54 ).
ونثنائيل ، لما قال له المسيح إنه رآه وهو تحت التينة ، آمن و قال " يا معلم أنت إبن الله ، أنت ملك إسرائيل " ( يو 1 : 49 ).
و الذين فى السفينة ، بعد أن رأوه ماشياً على الماء " جاءوا و سجدوا له قائلين : بالحقيقة أنت إبن الله " ( متى 14 : 33 )
و لما قال المسيح لمرثا قبل إقامته أخيها لعازر " أنا هو القيامة و الحياة. من آمن بى و لو مات فسيحيا .. أجابته : نعم يا سيد أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتى إلى العالم " ( يو 11 : 27 ).
وكانت هذه هى شهادة يوحنا المعمدان وقت العماد فى كل عجائبه " و أنا قد رأيت و شهدت أن هذا هو إبن الله ( يو 1 : 34 ).
من كل ما سبق يتضح أنها ليست بنوة عادية. ليست بنوة عامة يشترك فيها جميع المؤمنين.
المصدر: كتاب سنوات مع أسئلة الناس - بقلم المتنيح البابا شنودة الثالث ( معلم الأجيال ).
تعليقات
إرسال تعليق